أذكر تجربة لن أنساها حدثت لي لما كنت صغيراً بعمر 6 سنوات ، في ذلك العمر لم أكن أفقه شيئاً في الحياة سوى اللعب فقط، وفي عصر أحد الأيام رجعت إلى البيت ورأسي ملطخ بالدماء بسبب سقوطي من سور المقبرة الذي يرتفع حوالي 1.5 متر عن الأرض، كانت هذه المقبرة تقع بجوار منزلنا آنذاك حيث كانت من عادتي اللعب والجري على السور.

-  وبعد أن رجعت إلى المنزل رأتني أمي ففزعت لما جرى لي وكذلك أخوتي فضمدوا جراح رأسي . لكن أحد أخوتي الذين بكبرني بسنين عديدة يعرف سبب ما جرى لي لأنه سبق وأن نبهني من اللعب هناك لكني لم أسمع كلامه ، فقام أخي الكبير يوبخني ويزجرني لعدم سماعي لكلامه، وقال لي :"لا يوجد منك فائدة سوى المشاكل التي تأتينا بها" وعلى نحو ذلك الكلام، ومع ذلك عاودت الكرة حيث انتهزت فرصة غياب أخوتي الذين كانوا في مكان آخر وذهبت إلى منزل جيراننا المطل على سور المقبرة مباشرة في وقت متأخر من الليل واصطحبت ابن الجيران وجلسنا على السور لمدة طويلة ثم استأذن مني ليعود إلى منزله وقال لي أنه سيعود حالاً ، وخلال غيابه لعبت على السور الذي يمتد لحوالي 300 متر وابتعدت عن مكان منزل جيراننا ولما وصلت إلى زاوية المقبرة فوجئت بشيئ غريب أسود اللون يخرج رأسه من خلف الجدار ، بدا رأسه كرأس الكلب بينما كان باقي جسمه بما فيه أطرافه بهيئة تمساح ، وقفت مفزوعاً وأنا أراه يحرك رأسه يميناً ويساراً فجمدت في مكاني من شدة الخوف ، ظللت أراقبه إلى أن اختفى تماماً وجلست لمدة نصف دقيقة تقريباً وإذ بأخي يقف إلى جانبي ولكن لشدة خوفي لم أستطع أن أدير رأسي لأرى من كان بجانبي مع أنني كنت أعرف أنه يوجد أحد بجانبي، وفي هذه اللحظة قال لي بصوت خافت :"ألم أقل لك بأن لا تأتي إلى هنا مرة ثانية ؟! ، أرأيت أنك لا تسمع الكلام وتسبب لنا المشاكل في المنزل" ، فخارت قواي وبكيت بكاءً لم أبكه في حياتي وجاء ليمسك بي وينزلني على الأرض وكنت أقول له وأنا أحتضنه :"نعم ..أنا فعلاً أستحق العقاب .. اضربني فأنا أستحق " ، لكنه هذه المرة صدق بأنني لن أعود لتكرار فعلتي مجدداً وكنت أقسم له وأنا صادق . فسألني وهو يضحك :"طيب أنا لن أضربك فماذا يبكيك ؟" ، قلت له :"إن قلت لك فلن تصدقني"، فقال لي :"بل سوف أصدقك" ، فأخبرته بما رأيت ، فقال لي:" أنا على علم بوجود هذا الكلب"، فقلت له :"هذا ليس بكلب" ، فقال :"أعرف ذلك ، وإنما هيئته على شكل كلب".