صيد أشباح أم تقفي أسطورة ؟

.

إعداد كمال غزال
الكثير منا سمع عن جماعات يطلق عليها اسم صائدي الأشباح Ghost Hunters ، سواء من خلال البرامج التلفزيونية أو في واقع الحياة خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يكون في كل مدينة تقريباً جماعة محلية لصيد الأشباح تقوم من حين لآخر بجولات في المقابر وأماكن اشتهرت بأنها أماكن مسكونة سعياً وراء الأرواح في ليال مقمرة.

وفي حين يزعم العديد من صائدي الأشباح بأن ما يقومون به هو بحوث علمية لإكتشاف آفاق العلوم والظواهر الخارقة للعادة فإن المتخصصين في دراسة الفلكلور أو التراث الشعبي يستخدمون مصطلح آخر لوصف هذا السلوك وهو " تقفي الأسطورة " Legend Tripping.

من الشائع وجود أشكال عديدة من "تقفي الأسطورة" في الولايات المتحدة الأمريكية كما يقول الدارس للفلكلور (بيل إيليس) في موسوعة التراث الشعبي الأمريكي . ويقول أيضاً : " غالباً ما يقال أن صبياً ما لقي حتفه أو قتله أحدهم على جسر وبأن شبحه يهيم ويبكي في أوقات معينة ، أو بأن شخصاً ما ( امرأة أو رجل ) قطع رأسه بحادثة ويزعم بأن ضوءاً شبحياً يتجول في مكان الحادث المأساوي".

تقفي الأسطورة
كتب (جان هارولد برونفاند ) في كتابه : "موسوعة الأساطير الحضرية" :" يكون القيام بجولة لتقفي الأسطورة عادة على متن سيارة إلى مكان مخيف وناء  ، وتخدم هذه الرحلات وظيفتين هما إختبار معلومات عن مزاعم  ورد ذكرها في اساطير خارقة ومن أجل التحقق من مدى شجاعة المراهقين أنفسهم الذين ربما يتعاملون مع هذه الأساطير التي سمعوا عنها من خلال تشغيل مصابيح السيارة بشكل ومضات لعدد محدد من المرات لإستدعاء الأشباح أو ليتحدوا الجلوس على قبر ملعون ".

وهناك نقطة لاحظها (برونفاند ) أن تقفي الأسطورة المذكور لا ينطوي على أي بحث حقيقي وإنما من أجل الحصول على الإثارة والمرح ببساطة،  فلا يهم أي رعب يحصل هناك سواء أكان تجسد شبحي أم طيراً يرفرف في السماء ليلاً ،  وتكمن الإثارة في التظاهر :" فحتى لو لم يحصل شيء ، فإن القصص المتعلقة بمواقع تقفي الأساطير ستستمر بالنمو والتطورات كما لو جرى تداولها في تقليد النقل الشفهي لعدة أجيال من المراهقين ".

وأسطورة " ماري الدموية " تعتبر مثالاً شائعاً حيث يتجرأ الناس خصوصاً الفتيات المراهقات للدخول إلى غرفة مظلمة سواء أكانت مضاءة بشمعة أم لا ومن ثم الوقوف أمام مرآة والنداء باسم ماري لعدد محدد من المرات لإستحضار روح هذه المرأة الميتة " ، وبحسب نسخة القصة المروية فإن شبح ماري قد يطل فجأة ويهاجم الشخص الناظر في المرآة " ، من الواضح أنها خرافة لن تردع أجيال من الفتيات من المشاركة في هذه التجربة ، في الواقع إنها إحدى أكثر الأساطير الحضرية شعبية في العالم .

ومن المفارقات أن معظم صائدي الأشباح ليسوا على دراية بقصص التراث الشعبي (الفلكلور) ولا يدركون أنهم ينخرطون في تقفي الأسطورة. بالنسبة إليهم تعتبر هذه الجولات إنغماس بكافة جوانب التحقيق "الحقيقي " في ظاهرة الأشباح أو صيدها ، وهم يأخذون هذا الأمر على محمل الجد.

ولا يكون الهدف المعلن عن هذه النشاطات ترفيهاً وإنما :" جهد مخلص لإختبار وتوصيف حدود العالم الحقيقي " كما دون (بيل إليس) في كتابه : أساطير نعيشها عن الكائنات والأشباح  والطوائف ، ويضيف : " حتى أن المشارك الرصين في جولات تقفي الأساطير قد يكون مذعوراً من حادثة مفاجئة ولا تملك تفسيراً ".

قضى آلاف من صائدي الأشباح عقوداً من السنين وهو يحاولون-ويفشلون - في العثور على دليل دامغ واحد عن الأشباح ،  فمن المرجح أن العثور على دليل حقيقي عن الحياة ما بعد الموت سيكون نتيجة جهود العلماء وليس نتيجة لجهود هواة أشباح يتجولون حول المقبرة في الليل ومزودين بأضواء كشافة يشترونها من محلات راديو شاك ، من المؤكد أن جهودهم ستثمر عن خبرات ولكن ليس عن أدلة ، وحتى لو كان هناك دليل نتيجة القيام بصيد الأشباح أو تقفي الأسطورة فإنه سيكون منسياً منذ زمن بعيد.

وعوضاً عن ذلك يكون الهدف تمضية وقت ممتع مع الأصدقاء الذين تملكهم الخوف أو الذين تظاهروا به بعد ظهور أشياء خلال مسيرتهم في الظلام . وهو الشعور ذاته بالترقب الذي نحصل عليه عادة خلال مشاهدة الأفلام وقراءة الروايات وألعاب الفيديو ، وبالطبع يكون الخط المبهم العالمي الذي يفصل بين الواقع والخيال جزء من المتعة التي ننشدها ، إذ يعتبر التظاهر بتوقع ظهور شبح ما أكثر متعة من أن نعترف بأنه أسطورة أو خرافة وعلاوة على ذلك كل منا يهوى قصة شبح جيدة.

ومع أن مجمل ما يحصل في تقفي الأسطورة أو صيد الأشباح تظاهر أو تمثيل فإن له مخاطره الحقيقية ، لكن الخطر لم يأتي من الأشباح الغاضبة ونذكر حادثتين :

في عام 2006 ، أصيبت فتاة من ولاية اوهايو الأمريكية بطلق ناري بينما كانت تستكشف أسطورة عن منزل مسكون مجاور لمقبرة وكانت برفقة صديق لها يتسللان بدون إذن في المكان فتعرضت لإصابة بليغة حينما ظن صاحب المنزل خطأ أنهما مخربان فأطلق النار باتجاههما.

وفي عام 2010 توفي رجل من ولاية نورث كارولينا الأمريكية حينما كان في رحلة لتقفي أسطورة برفقة أصدقائه ، حيث تجمعوا عند جسر ريفي آملين في رؤية شبح القطار الذي صدمه القطار منذ قرن مضى. حيث تقول الأسطورة أن شبح القطار يتجسد مادياً في الذكرى السنوية للحادثة ، فلم يظهر أي شبح ، لكن قطاراً حقيقياً ظهر عند المنعطف وقتل هذا الرجل في اللحظة التي لم يستطع معها الهرب حينها.

المصدر
- Discovery

مواضيع ذات صلة 
- كيف تصبح صائد أشباح ؟
- كتب : دليل علمي في صيد الأشباح
- صوت أرشد صائدي الأشباح إلى بقايا عظام
- أبرز فيديوهات الأشباح التي تم التقاطها

أضف تعليقك؟

=============================

ليست هناك تعليقات:

=====================================================================================================

============================================================================================================================================= تم برمجة وتصميم القالب بخبرات عربية مئة بالمئة: للتواصل مع مبرمج القالب راصد نيوز online.lb7@gmail